جديد

الأربعاء، 22 يناير 2014

مَن يَكتبُ الفصلَ الأخير؟




ثلاثية: الموت ـ الشيخ  ـ الحفيد


1
الموت يُسرعُ بالخطى
والليلُ مدعاةُ السكن
يا زائراً بالليلِ ارحم شيبتي
الهمّ أقعدني وأبكاني الحزن
وتسارعت تقتاتُ من جسدي،
النحيلِ خُطى الزمن
ما عدتُ أقوى أن أدبَّ على الثرى
خارت قوايَ، تقاربت مني الخطى،
ضَعُف البصر
والوحدةُ العمياءُ تَسكن مهجتي
الشمسُ تُشرقُ ثم تَغربُ،
كم تمرُّ على النوافذِ؟،
غيرَ أن الشيخَ لم يشعر بدفءِ شعاعها
هو هكذا، مع كل فجرٍ أو غروب
شيخٌ وحيد
حَبيسُ جدرانٍ وباب
شيخٌ تفرّد، حولهُ هذا الضجيجُ،
من البشر.
ذَهَبَ السرور،
فلم يَعد في القلبِ وقتٌ للسرور
كلُّ الطيورِ تؤوبُ نحوَ عشاشها
والشيخُ ينتظرُ الحفيد،
متى يعود
.....................

2
الشيخُ حدَّق في المكان
تلك الصور
صورةُ الطفلِ الحفيد
ما زال طفلاً، مُنذُ فارقهُ وغاب
البيتُ حنَّ لساكنيه
غابَ الجميعُ تفرقت منهم خُطى
أينَ الأحبةُ حينما يأتي المساء؟
ما عاد يجمعهم مساءٌ حولَ مدفأة الشتاء
يتجمعون، ويملأ ون البيتَ ضحكاً أو صخب
أطفالهم في البيت تَمرحُ كالفراشاتِ الندية
طفلٌ هنا طفلٌ هناك
صوتٌ هنا لَعِبٌ هناك
الكلُ يجري في مرح
وأنا أصيحُ بكلِ صوتي
" يا شقي،
هلا نزلتَ عن الجواد
ما عاد جدُّكَ يحتمل
أتعبتني، ظهري انكسر
أذهب لأمِكَ تُرضعك."
دمعٌ ترقرق في عُيونِ الشيخِ،
في جَوفِ المساء
أينَ الأحبةُ والصحاب؟
في البيت متسعٌ ولكن
ليس في البيت حياة
البيتُ جدرانٌ مِنَ الاسمنت،
تكسوها الليالي الباردة
تشكو القلوب النابضة
البيتُ يسكنه الخواء،
وغطّى كلَّ ما فيه الغبار
.....................
3

غابَ الحفيد
الشيخُ ينتظرُ المسافرَ كي يعود
ما عاد يَسمعُ غيرَ صوتِ الريحِ،
يَعصفُ في الفناء
الجَمّعُ فارقهُ وأبكاهُ المساء
البابُ يُقفلُ والمكانُ بلا صخب
ولكم يَمرُّ من الزمن
وحديقةٌ غناءُ تَهجرُها الطيور،
فلا غناءَ ولا فنن
البردُ يملأُ كلَّ أرجاءِ المكان
قد تُدفئُ النارُ الجسد
مَن يُدفئُ الأوصالَ مِن شيخٍ قعيد؟
الشيخُ يُدفئهُ الصخب
صَخَبُ الصغار،
صخبُ الأحبةِ يلعبون ويمرحون
الشيخُ يُدفئهُ الحفيدُ إذا بكى،
وإذا زَحف
وإذا مشى ليخطَ خُطوتَهُ الصغيرة
نحوَ عالمهِ الجديد
الشيخُ يُدفئهُ الحفيدُ إذا امتطى
والجَدُّ كانَ لهُ جواد
لا تُدفئُ الشيخَ الصور
الشيخُ تُدفئهُ المحبةُ، والسكن
هوَ لا يريدُ مِنَ الحياةِ سوى الحنان،
وَبَسمةٌ فوقَ الشفاه
الشيخُ لا يرجو مِنَ الدنيا قصوراً أو متاع
كلُّ الحدائقِ لا تساوي ضحكةَ الطفلِ الحفيد
كلُّ القصور
كلُّ الدنى أو كلُّ أموال البشر
الشيخُ يُدفئهُ إذا عادَ الحفيدُ من السفر
وَقَد يعود، .......،
.............. لكن متى؟
4
الوقتُ يمضي، والحياةُ بِنَا تَسير
وَسؤالُنَا يبقى لِمَن قرأَ السطور
مَن يا ترى؟
مَن يَكتبُ الفصلَ الأخير؟ ؟،
لقصتي
قصةِ الشيخِ الوحيد
الموتُ............ أم هذا الحفيد
****
شحده البهبهاني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق